سيرة حياة فيكتور هوجو

تمثال نصفي لفيكتور هوجو في محل إقامة فيكتور هوجو في باريس والذي تحوّل إلى متحف بعد وفاته. CC0 Creative Commons, Original.


فكتور هوجو (26 فبراير 1802 – 22 مايو 1885)؛ شاعر وروائي ومسرحي وكاتب فرنسي. يعتبر أهم كتاب الحركة الرومانتيكية في القرن التاسع عشر. فيما بدأ حياته بتوجهات بالغة المحافظة، فقد تحول فيما بعد إلى اليسار السياسي، وأصبح مؤيدًا قويًا للنزعة الجمهورية. وتشتبك أعماله مع غالبية القضايا السياسية والاجتماعية والتيارات الفنية في عصره.
وبعد أن سيطر نابليون الثالث على مقاليد البلاد، وأسس نظام حكم معاديًا للبرلمانية (1851)، أعلن هوجو علانيةً أن نابليون "خائن لفرنسا". ونظرًا لخوفه على حياته، فقد فر هوجو إلى بروكسيل، ثم استقر في جزيرة جيرنسي في منفى اختياري سيطول حتى 1870 واصل فيه إصدار منشوراته المعادية للنظام.
ترك هوجو تسع روايات. كتب الأولى "بج-جارجال" وهو في السادسة عشر من عمره، والأخيرة "ثلاثة وتسعون" وهو في الثانية والسبعين. وتخللت أعماله الروائية كافة مراحل عمره وكافة الأنماط، وكل التيارات الأدبية لعصره، دون اختلاط أبدًا بأحد آخر. والكثير من أعماله عصية على التصنيف القاطع إلى هذه المدرسة أو تلك، في الكتابة الروائية.
والرواية – لدى هوجو – تخدم دائمًا تقريبًا – نقاشًا فكريًا. ويخوض أبطاله – مثل أبطال التراجيديات – صراعًا مع الضغوط الخارجية، وقدر عنيد أحيانًا منسوب إلى المجتمع، وأحيانًا مع قوى الطبيعة.
وفي السادسة والعشرين من عمره، وضع هوجو – في مقدمته الشهيرة – لـ "كرومويل" الأساس لجنس أدبي جديد: الدراما الرومانتيكية، أعاد خلالها النظر في القواعد الراسخة للمسرح الكلاسيكي، وطرح الأفكار الرومانتيكية حول المشهد: تعدد الشخصيات، والأماكن، ومزيج من النبرات السوقية والمصطنعة، الرفيعة والغرائبية. وتحقق مسرحيته "هيرناني" الشهرة له وتحتل مكانة مؤكدة في المسرح الحديث.
ويمر هوجو – في الأعوام التالية – بمصاعب مادية وإنسانية، قبل أن يقرر، مع الكسندر دوما، إنشاء قاعة مخصصة للدراما الرومانتيكية. وعام 1834 يؤثر فيه بقوة إخفاق إحدى مسرحياته، فيدير ظهره للمسرح. لكنه سيعود إلى كتابة المسرح – ابتداء من 1866 – بسلسلة بعنوان "مسرح في حرية".
في عامه العشرين، ينشر هوجو "الأناشيد"، ديوان يسمح باستشفاف التوجهات القادمة: العالم المعاصر، التاريخ، الدين، ودور الشاعر، بشكل خاص. وفيما سيلي، ستتقلص كلاسيكيته، وتزداد في المقابل رومانتيكيته. وقد طبع من الديوان الأول 4 طبعات في ست سنوات.
وفي 1828، يجمع هوجو كل إنتاجه الشعري السابق تحت عنوان "أناشيد وقصائد غنائية". جداريات تاريخية واستلهامات من الطفولة؛ لكن الشكل ما يزال تقليديًا رغم أن الشاعر الشاب يتحرر في الوزن والتقاليد الشعرية. وهذا العمل يسمح بالتنبؤ بالتطور اللاحق الذي سيدوم طوال حياته. ويتباعد الشاعر عن الاهتمامات السياسية المباشرة، لينحاز – بعض الوقت – إلى "الفن للفن". وينطلق في "الشرقيات" عام 1829 (عام صدور روايته "اليوم الأخير لمحكوم عليه بالإعدام").
في "أوراق الخريف" (1831) و"أناشيد الغسق" (1835) و"الأصوات الداخلية" (1837)، حتى "الأشعة والظلال" (1840)، يرسي هوجو الأفكار الرئيسية لشعر غنائي، فيه الشاعر "روح ذات ألف صوت"، يخاطب المرأة، والله، والأصدقاء، والطبيعة، والقوى المسئولة عن المظالم في هذا العالم. ويمس هذا الشعر الجمهور لأنه بتماس – ببساطة ظاهرة – مع الأفكار الشائعة، ورغم ذلك، فلم يستطع هوجو مقاومة نزوعه إلى الملحمي والعظيم، حيث الشاعر مغروس في التاريخ الإنساني. ولن يخرج هوجو منه أبدًا في كل أعماله.

وفي المنفى، تبدأ مرحلة من الإبداع تتسم بثرائها، وأصالتها، وقوتها. ففيه، ستولد قصائد من أشهر ما كُتب في اللغة الفرنسية، وخاصةً في "العقوبات" و"ملحمة القرون". فـ "العقوبات" – الصادر في 1853 – هو شعر رسالة، لفضح "جريمة" نابليون الثالث "البائس": انقلاب 2 ديسمبر. متنبئًا بالتعاسات التي تنتظر نابليون الثالث، يعمد هوجو إلى القسوة، والتهكم من أجل معاقبة "المجرم". ويتسم الشكل بالثراء الكبير في الاعتماد على العنصر الخرافي والملحمي، فيما يتخلله من أغان أو مراث. لكن هوجو هو أيضًا شاعر الأزمنة الأفضل؛ في "ستيللا"، يتخذ الشاعر نبرات شبه دينية. أما رائعته "أسطورة القرون"، فهي مُركب لا يقل عن تاريخ العالم في ملحمة صدرت عام 1859: الإنسان الصاعد من الظلمات إلى "المثل الأعلى"، ذلك الارتقاء البطيء والأليم للإنسانية نحو التقدم والنور.

تعليقات